سلسلة مصر الحضارة: "ماذا تعرف عن...؟"المتحف المصري الكبير.

يُعد المتحف المصري الكبير (Grand Egyptian Museum) أحد أعظم المشاريع الثقافية في العالم، ويعكس طموحات مصر في عرض تاريخها العريق بطريقة حديثة وجذابة. يقع المتحف في منطقة أهرامات الجيزة، بالقرب من إحدى عجائب العالم السبع، وهو بذلك يجمع بين عبقرية الحضارة الفرعونية القديمة والتقنيات الحديثة في تصميمه وتنظيم معروضاته. يعد هذا المتحف أحد أكبر وأهم المتاحف في العالم، ليس فقط من حيث الحجم ولكن أيضًا من حيث قيمة المعروضات التاريخية التي يحتوي عليها.
تاريخ المتحف المصري الكبير:
تعود فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير إلى بداية التسعينات من القرن العشرين. بدأ المشروع بالفعل في عام 2002 بموافقة الحكومة المصرية وبالتعاون مع العديد من المؤسسات الدولية، بهدف إنشاء متحف يتناسب مع مكانة مصر الحضارية والتاريخية. كان الهدف الرئيس هو إيجاد مكان يليق بآثار الحضارة المصرية القديمة ويعرضها بطريقة تفاعلية ومميزة للجمهور العالمي.
أُعلن عن افتتاح المتحف في عام 2020، ولكن تم تأجيل الافتتاح بسبب جائحة كورونا، ومن المتوقع أن يتم الافتتاح الكامل في المستقبل القريب. يعد المتحف خطوة هامة في خطة مصر لتطوير السياحة الثقافية وزيادة الاهتمام بتاريخها العريق.
الموقع:
يقع المتحف المصري الكبير في منطقة أبو الهول بالقرب من أهرامات الجيزة، ويُعتبر هذا الموقع مثاليًا بالنسبة للزوار، حيث يمكنهم التمتع بالإطلالة على الأهرامات من داخل المتحف. هذا الموقع يعزز من التجربة الثقافية والاثرية للزوار الذين يمكنهم مشاهدة المعروضات التاريخية الرائعة، بينما يتمتعون بمنظر الأهرامات الشهير في الخلفية.
المتحف يبعد مسافة قصيرة عن مطار القاهرة الدولي، كما أنه قريب من العديد من المواقع السياحية البارزة مثل متحف الفن الإسلامي والمتحف القبطي، مما يجعل زيارة المتحف المصري الكبير جزءًا من تجربة سياحية ثقافية متكاملة.
تصميم المتحف:
تم تصميم المتحف المصري الكبير من قبل شركة Heneghan Peng Architects، ويُعتبر تصميمه مزيجًا من العراقة والحضارة القديمة مع التطور التكنولوجي العصري. التصميم المعماري للمتحف يعكس شكل الهرم، ويعتمد على المساحات المفتوحة والضوء الطبيعي لخلق بيئة مثالية للزوار.
المتحف يتكون من عدة مبانٍ رئيسية تشمل:
- قاعة العرض الرئيسية: التي تحتوي على المساحات المخصصة لعرض الآثار الرئيسية، مثل مجموعة توت عنخ آمون.
- المرافق التفاعلية: مثل شاشات العرض التفاعلية التي تتيح للزوار التفاعل مع المعروضات والتعرف على التاريخ بشكل ممتع.
- قاعة للمؤتمرات والفعاليات: حيث يمكن استضافة الندوات والعروض الثقافية.
المجموعات المعروضة في المتحف المصري الكبير:
يضم المتحف المصري الكبير مجموعة ضخمة من الآثار التي تمثل مختلف العصور المصرية القديمة، وخصوصًا الآثار الفرعونية. من أبرز هذه المجموعات:
1. مجموعات توت عنخ آمون: واحدة من أبرز معروضات المتحف هي مجموعات الملك توت عنخ آمون، والتي تعد من أكثر المجموعات شهرة في تاريخ الآثار. تضم هذه المجموعة أكثر من 5000 قطعة أثرية من بينها قناع توت عنخ آمون الشهير الذي يمثل أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. سيتم عرض هذه القطع بأسلوب حديث باستخدام تقنيات الإضاءة والوسائط الرقمية لتعريف الزوار بتاريخ الملك الشاب وتاريخه.
2. تماثيل الفراعنة: يضم المتحف العديد من التماثيل الفرعونية الضخمة التي تمثل ملوك الفراعنة مثل رمسيس الثاني، أمنحتب الثالث، وحتشبسوت، بالإضافة إلى تمثال الملكة نفرتيتي.
3. المومياوات الملكية: يحتوي المتحف أيضًا على مومياوات لملوك وملكات مصر القديمة التي تم العثور عليها في مقابر وادي الملوك، بالإضافة إلى العديد من الأدوات والمعدات الجنائزية المستخدمة في تحنيط الملوك.
4. الآثار اليومية: يعرض المتحف أيضًا مجموعة من القطع الأثرية التي تمثل الحياة اليومية في مصر القديمة، مثل الأواني الفخارية، والأثاث، والمجوهرات، وأدوات الكتابة.
5. الآثار اليونانية والرومانية: المتحف يضم آثارًا من الفترات اليونانية والرومانية التي مرت على مصر بعد الاحتلال الفارسي. تشمل المعروضات تماثيل وأدوات تعكس تأثير الثقافات اليونانية والرومانية على مصر.
6. المجموعات الإسلامية: يخطط المتحف أيضًا لعرض مجموعة من الآثار التي تعكس تاريخ الفترات الإسلامية في مصر، من بينها الأدوات والزخارف الإسلامية، مما يوفر تنوعًا ثقافيًا وجغرافيًا للزوار.
التقنيات الحديثة في المتحف:
يُعد المتحف المصري الكبير واحدًا من أكثر المتاحف تطورًا من الناحية التقنية. سيستخدم المتحف تقنيات مثل الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)، ما يسمح للزوار بتجربة تجربة تفاعلية وغامرة. على سبيل المثال، يمكن للزوار استخدام تقنيات الواقع المعزز لمعرفة المزيد عن القطع الأثرية بطريقة تفاعلية، وكذلك يمكنهم "السفر" إلى مصر القديمة ومشاهدة إعادة بناء للحياة في تلك الفترة.
دور المتحف في السياحة الثقافية:
يُعتبر المتحف المصري الكبير إضافة هامة للسياحة الثقافية في مصر. بالإضافة إلى جذب الزوار من داخل وخارج مصر للاستمتاع بمعروضات الحضارة الفرعونية العريقة، يساعد المتحف أيضًا في تعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية ثقافية رائدة. من المتوقع أن يجذب المتحف ملايين السياح سنويًا، وأن يكون نقطة جذب رئيسية للمتحمسين للتاريخ والآثار.
خاتمة:
المتحف المصري الكبير هو مشروع ثقافي ضخم يعكس الفخر المصري بتاريخه وحضارته العريقة. إنه ليس فقط مكانًا لعرض الآثار، بل هو مركز للتعلم والتفاعل مع التراث المصري العريق باستخدام التقنيات الحديثة. يعتبر المتحف المصري الكبير مشروعًا طموحًا سيرتقي بمستوى السياحة الثقافية في مصر، ويُتوقع أن يكون وجهة رئيسية للزوار من جميع أنحاء العالم، مما يسهم في تعزيز الفهم العالمي للحضارة المصرية القديمة.